فصل: الآيات (175-176)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 قوله تعالى‏:‏ وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما آلفينا عليه آباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون

أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال ‏"‏دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته‏.‏ فقال له رافع بن خارجة، ومالك بن عوف‏:‏ بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا، فأنزل الله في ذلك ‏{‏وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما آلفينا عليه آباءنا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس‏.‏ أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏ما ألفينا‏}‏ قال‏:‏ يعني وجدنا قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول نابغة بن ذبيان‏:‏

فحسبوه فألفوه كما زعمت * تسعا وتسعين لم ينقص ولم يزد

وأخرج ابن جرير عن الربيع وقتادة في قوله ‏{‏ما ألفينا‏}‏ قالا‏:‏ وجدنا‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع‏}‏ قال‏:‏ كمثل البقر والحمار والشاة، وإن قلت لبعضهم كلاما لم يعلم ما تقول غير أنه يسمعك، وكذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير أنه يسمع صوتك‏.‏

أخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ مثل الدابة تنادى فتسمع ولا تعقل ما يقال لها، كذلك الكافر يسمع الصوت ولا يعقل‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس‏.‏ أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏كمثل الذي ينعق بما لا يسمع‏}‏ قال‏:‏ شبه الله أصوات المنافقين والكفار بأصوات البهم، أي بأنهم لا يعقلون‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت بشر بن أبي حازم وهو يقول‏:‏

هضيم الكشح لم يغمز ببوس * ولم ينعق بناحية الرياق

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ‏{‏كمثل الذي ينعق‏}‏ قال‏:‏ الراعي ‏{‏بما لا يسمع‏}‏ قال‏:‏ البهائم ‏{‏إلا دعاء ونداء‏}‏ قال‏:‏ كمثل البعير والشاة تسمع الصوت ولا تعقل‏.‏

وأخرج وكيع عن عكرمة في قوله ‏{‏كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء‏}‏ مثل الكافر مثل البهيمة تسمع الصوت ولا تعقل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال‏:‏ قال لي عطاء في هذه الآية‏:‏ هم اليهود الذين أنزل الله فيهم ‏(‏إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب‏)‏ ‏(‏البقرة الآية 174‏)‏ إلى قوله ‏(‏فما أصبرهم على النار‏)‏‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون

أخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال ‏(‏يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم‏)‏ ‏(‏المؤمنون الآية 51‏)‏ وقال ‏{‏يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم‏}‏ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏كلوا من طيبات‏}‏ قال‏:‏ من الحلال‏.‏

وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز‏.‏ أنه قال يوما‏:‏ إني أكلت حمصا وعدسا فنفخني‏.‏ فقال له بعض القوم‏:‏ يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه ‏{‏كلوا من طيبات ما رزقناكم‏}‏ فقال عمر‏:‏ هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه، إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد به طيب الطعام‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ يقول‏:‏ صدقوا ‏{‏كلوا من طيبات ما رزقناكم‏}‏ يعني اطعموا من حلال الرزق الذي أحللناه لكم بتحليلي إياه لكم مما كنتم تحرمونه أنتم، ولم أكن حرمته عليكم من المطاعم والمشارب ‏{‏واشكروا لله‏}‏ يقول‏:‏ أثنوا على الله بما هو أهل له على النعم التي رزقكم وطيبها لكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي أمية ‏{‏يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم‏}‏ قال‏:‏ فلم يوجد من الطيبات شيء أحل ولا أطيب من الولد وماله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ويشرب الشربة فيحمد الله عليها‏"‏‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم

أخرج أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أحلت لنا ميتتان ودمان‏.‏ السمك والجراد، والكبد والطحال‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما أهل به‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما أهل به‏}‏ قال‏:‏ ذبح‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما أهل به لغير الله‏}‏ يعني ما أهل للطواغيت‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏وما أهل به‏}‏ قال‏:‏ ما ذبح لغير لله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية ‏{‏وما أهل به لغير الله‏}‏ يقول‏:‏ ما ذكر عليه اسم غير الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فمن اضطر‏}‏ يعني إلى شيء مما حرم ‏{‏غير باغ ولا عاد‏}‏ يقول‏:‏ من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج، ومن أكله وهو غير مضطر فقد بغى واعتدى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏غير باغ‏}‏ قال‏:‏ في الميتة‏.‏ قال‏:‏ في الأكل‏.‏

وأخرج سفيان بن عينية وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة وفي السنن عن مجاهد في قوله ‏{‏غير باغ ولا عاد‏}‏ قال‏:‏ غير باغ على المسلمسن ولا معتد عليهم، من خرج يقطع الرحم، أو يقطع سبيل، أو يفسد في الأرض، أو مفارقا للجاعة والأئمة، أو خرج في معصية الله، فاضطر إلى الميتة لم تحل له‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏فمن اضطر غير باغ ولا عاد‏}‏ قال‏:‏ العادي الذي يقطع الطريق لا رخصة له ‏{‏فلا إثم عليه‏}‏ يعني في أكله حين اضطر إليه ‏{‏إن الله غفور‏}‏ يعني لما أكل من الحرام ‏{‏رحيم‏}‏ به إذ أحل له الحرام في الاضطرار‏.‏

وأخرج وكيع عن إبراهيم والشعبي قالا‏:‏ إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه‏.‏

وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن مسروق قال‏:‏ من اضطر إلى الميتة والدم ولحم الخنزير فتركه تقذرا ولم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ‏{‏فمن اضطر غير باغ ولا عاد‏}‏ قال‏:‏ غير باغ في أكله ولا عاد بتعدي الحلال إلى الحرام، وهو يجد عنه بلغة ومندوحة‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم

أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ‏{‏إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب‏}‏ والتي في آل عمران ‏(‏إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا‏)‏ ‏(‏آل عمران الآية 77‏)‏ نزلتا جميعا في يهود‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم، وأخذوا عليه طمعا قليلا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله ‏{‏إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب‏}‏ قال‏:‏ أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم في كتابهم من الحق، والهدى، والإسلام، وشأن محمد ونعته ‏{‏أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار‏}‏ يقول‏:‏ ما أخذوا عليه من الأجر فهو نار في بطونهم‏.‏

وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال‏:‏ سألت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ما الذي يجدون في التوراة‏؟‏ قالوا‏:‏ إنا نجد في التوراة أن الله يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد بتحريم الزنا، والخمر، والملاهي، وسفك الدماء، فلما بعث الله محمدا ونزل المدينة قالت الملوك لليهود‏:‏ هذا الذي تجدون في كتابكم‏؟‏ فقالت‏:‏ اليهود طمعا في أموال الملوك‏:‏ ليس هذا بذلك النبي‏.‏ فأعطاهم الملوك الأموال، فأنزل الله هذه الآية إكذابا لليهود‏.‏

وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود وعلمائهم، كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل، وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم، فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم، فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها، ثم أخرجوها إليهم فقالوا‏:‏ هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي، فإذ نظرت السفلة إلى النعت وجدوه مخالفا لصفة محمد فلم يتبعوه، فأنزل الله ‏{‏إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب‏}‏‏.‏

 قوله تعالى‏:‏ أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار * ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ اختاروا الضلالة على الهدى، والعذاب عبى المغفرة ‏{‏فما أصبرهم على النار‏}‏ قال‏:‏ ما أجرأهم على عمل النار‏.‏

وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية في قوله ‏{‏فما أصبرهم على النار‏}‏ قال‏:‏ والله ما لهم عليها من صبر ولكن يقول‏:‏ ما أجرأهم على النار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏فما أصبرهم‏}‏ قال‏:‏ ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ‏{‏فما أصبرهم على النار‏}‏ قال‏:‏ هذا على وجه الاستفهام يقول‏:‏ ما الذي أصبرهم على النار‏؟‏ وفي قوله ‏{‏وإن الذين اختلفوا في الكتاب‏}‏ قال‏:‏ هم اليهود والنصارى ‏{‏لفي شقاق بعيد‏}‏ قال‏:‏ في عداوة بعيدة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال‏:‏ اثنان ما أشدهما علي، من يجادل في القرآن ‏(‏ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا‏)‏ ‏(‏غافر الآية 4‏)‏ ‏{‏وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد‏}‏‏.‏

 

قوله تعالى‏:‏ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى و المساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوة والوفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون

أخرج ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر ‏"‏أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فتلا ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏}‏ حتى فرغ منها، ثم سأله فتلاها وقال‏:‏ وإذا عملت حسنة أحبها قلبك، وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك‏"‏‏.‏

وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال ‏"‏جاء رجل إلى أبي ذر فقال‏:‏ ما الإيمان‏؟‏ فتلا عليه هذه اللآية ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏}‏ حتى فرغ منها‏.‏ فقال الرجل‏:‏ ليس عن البرسألتك‏.‏ فقال أبو ذر‏:‏ جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما سألتني، فقرأ عليه هذه الآية فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ادن‏.‏ فدنا فقال‏:‏ المؤمن إذا عمل الحسنة سرته رجاء ثوابها، وإذا عمل السيئة أحزنته وخاف عقابه‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه وعبد بن حميد عن عكرمة قال‏:‏ سئل الحسن بن علي مقبله من الشام عن الإيمان، فقرأ ‏{‏ليس البر‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏}‏ يعني في الصلاة، يقول‏:‏ ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا، فهذا حين تحول من مكه إلى المديته، ونزلت الفرائض وحد الحدود، فأمر الله بالفرائض والعمل بها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال‏:‏ هذه الآيه نزلت بالمدينه ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏}‏ يعني الصلاة، تبدل ليس البر أن تصلوا ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏ليس البر‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البر، فأنزل الله هذه الآية، فدعا الرجل فتلاها عليه، وقد كان الرجل قبل الفرائض إذ شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له في خير، فأنزل الله ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب‏}‏ وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل المشرق ‏{‏ولكن البر من آمن بالله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال‏:‏ كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الاية‏.‏

وأخرج أبو عبيد في فضائله والثعلبي من طريق هرون عن ابن مسعود وأبي بن كعب أنهما قرآ ‏(‏ليس البر بأن تولوا‏)‏‏.‏

وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي ميسرة قال‏:‏ من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان ‏{‏ليس البر‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر‏}‏ ما ثبت في القلوب من طاعة الله‏.‏

وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال‏:‏ في قراءتنا مكان ليس البر أن تولوا ولا تحسبن أن البر‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين‏}

أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب ‏"‏أنهم بينما هم جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي، حسن الشعر عليه ثياب بياض، فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر‏!‏ ثم قال‏:‏ يا رسول الله آتيك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فجاءه فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال‏:‏ ما الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، قال‏:‏ فما الإيمان‏؟‏ قال‏:‏ أن تؤمن بالله، وملائكته، ولفظ ابن مردويه‏:‏ أن تؤمن بالله، واليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والجنة، والنار، والبعث بعد الموت، والقدر كله‏.‏ قال‏:‏ فما الإحسان‏؟‏ قال‏:‏ أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك‏.‏ قال‏:‏ فمتى الساعة‏؟‏ قال‏:‏ ما المسئول عنها بأعلم من السائل‏!‏ قال‏:‏ فما أشراطها‏؟‏ قال‏:‏ إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان، وولدت الإماء أربابهن، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئا، فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال‏:‏ يا ابن الخطاب أتدري من السائل كذا وكذا‏؟‏ قال‏:‏ الله ورسوله أعلم‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم‏"‏‏.‏وأخرج أحمد والبزارعن ابن عباس قال ‏"‏جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا، فأتاه جبريل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا كفيه على ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يا رسول الله حدثني عن الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ الإسلام أن تسلم وجهك لله عز وجل، وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله‏.‏ قال‏:‏ فإذا فعلت ذلك فقد أسلمت‏.‏ قال‏:‏ يا رسول الله حدثني عن الإيمان‏؟‏ قال‏:‏ الإيمان أن تؤمن بالله، وباليوم الآخر، والملائكة، والكتاب، والنبيين، والموت، والحياة بعد الموت، وتؤمن بالجنة، والنار، والحساب، والميزان، وتؤمن بالقدر كله خيره وشره‏.‏ قال‏:‏ فإذ فعلت فقد آمنت‏.‏ قال‏:‏ يا رسول الله حدثني ما الإحسان‏؟‏ قال‏:‏ الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن لا تراه فإنه يراك‏"‏‏.‏

وأخرج البزار عن أنس قال ‏"‏بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه إذا جاءه رجل ليس عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع يده على ركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا محمد ما الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت ان استطعت إليه سبيلا‏.‏ قال‏:‏ فإذا فعلت فأنا مؤمن‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ يا محمد ما الإحسان‏؟‏ قال‏:‏ أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تراه فإن يراك‏.‏ قال‏:‏ فإذا فعلت فأنا محسن‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ يا محمد متى الساعة‏؟‏ قال‏:‏ ما المسئول عنها بأعلم من السائل‏!‏ وأدبر الرجل فذهب‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ علي بالرجل، فاتبعوه يطلبونه فلم يروا شيئا‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأبي ذر قالا‏:‏ ‏"‏إنا لجلوس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في مجلسه محتب إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجها، وأطيب الناس ريحا، وأنقى الناس ثوبا، فقال‏:‏ يا محمد ما الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتصوم رمضان، قال‏:‏ فإذا فعلت هذا فقد أسلمت‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ صدقت‏.‏ فقال‏:‏ يا محمد أخبرني ما الإيمان‏؟‏ قال‏:‏ الإيمان بالله، وملائكته، والكتاب، والنبيين، وتؤمن بالقدر كله‏.‏ قال‏:‏ فإذا فعلت ذلك فقد آمنت‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ صدقت‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن حيدة قال ‏"‏قلت يا رسول الله ما الذي بعثك الله به‏؟‏ قال‏:‏ بعثني الله بالإسلام‏!‏ قلت‏:‏ وما الإسلام‏؟‏ قال‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى ‏{‏وآتى المال على حبه‏}

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏وآتى المال‏}‏ يعني أعطى المال ‏{‏على حبه‏}‏ يعني على حب المال‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد ووكيع وسفيان بن عينية وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود ‏{‏وآتى المال على حبه‏}‏ قال‏:‏ يعطي وهو صحيح شحيح يأمل العيش ويخاف الفقر‏.‏

وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعا‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن المطلب ‏"‏أن قيل‏:‏ يا رسول الله ما آتى المال على حبه فكلنا نحبه‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تؤتيه حين تؤتيه ونفسك حين تحدثك بطول العمر والفقر‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفقر ولا تمهل، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلا وقد كان لفلان‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏مثل الذي ينفق أو يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذوي القربى‏}

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏ذوي القربى‏}‏ يعني قرابته‏.‏

وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط‏"‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام ‏"‏أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيهما أفضل‏؟‏ قال‏:‏ على ذي الرحم الكاشح‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن ميمونة أم المؤمنين قال ‏"‏أعتقت جارية لي فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما لو أعطيتها بعض أخوالك كان أعظم لأجرك‏"‏‏.‏

وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن الن عباس ‏"‏أن ميمونة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في جارية تعتقها‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أعطيها أختك ترعى عليها وصلي بها رحما، فإنه خير لك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن فاطمة بنت قيس ‏"‏أنها قالت‏:‏ يا رسول الله إن لي مثقالا من ذهب‏.‏ قال‏:‏ اجعليها في قرابتك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي في سننه عن سلمان بن عامر الضبي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت‏"‏سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتجزيء عني من الصدقة النفقة على زوجي وأيتام في حجري‏؟‏ قال‏:‏ لك أجران‏:‏ أجر الصدقة، وأجر القرابة‏"‏‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وابن السبيل‏}

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ابن السبيل هو الضيف الذي ينزل بالمسلمين‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال‏:‏ ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والسائلين‏}‏

أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ‏{‏والسائلين‏}‏ قال‏:‏ السائل الذي يسألك‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود وابن أبي حاتم عن الحسين بن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏للسائل حق وإن جاء على فرس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أعطوا السائل وإن كان على فرس ‏"‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن سالم بن أبي الجعد قال‏:‏ قال عيسى بن مريم‏:‏ للسائل حق وإن جاء على فرس مطوق بالفضة‏.‏

وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد وكانت ممن تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت‏"‏يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئا أعطيه إياه‏؟‏‏!‏ فقال لها‏:‏ إن لم تجدي إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه‏.‏ ولفظ ابن خزيمة‏:‏ ولا تردي سائلك ولو بظلف‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد من طريق عمرو بن معاذ الأنصاري عن جدته حواء قالت‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏ردوا السائل ولو بظلف محرق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن قال‏:‏ كان يقال‏:‏ ردوا السائل ولو بمثل رأس القطاة‏.‏

وأخرج أبو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب في رواة مالك بسند واه عن ابن عمر مرفوعا‏"‏هدية الله للؤمن السائل على بابه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن شاهين وابن النجار في تاريخه عن أبي بن كعب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ألا أدلكم على هدايا الله عز وجل إلى خلقه‏؟‏ قلنا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ الفقير هو هدية الله قبل ذلك أو ترك‏"‏‏.‏

قوله تعالى ‏{‏وفي الرقاب‏}

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏وفي الرقاب‏}‏ يعني فكاك الرقاب‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأقام الصلاة وآتى الزكاة‏}

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏وأقام الصلاة‏}‏ يعني وأتم الصلاة المكتوبة ‏{‏وآتى الزكاة‏}‏ يعني الزكاة المفروضة‏.‏

وأخرج الترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والدارقطني وابن مردويه عن فاطمة بنت قيس قالت‏:‏ قال رسول الله‏"‏صلى الله عليه وسلم في المال حق سوى الزكاة، ثم قرأ ‏{‏ليس البر ان تولوا وجوهكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي هريرة ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في المال حق بعد الزكاة‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ تحمل على النجيبة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي‏.‏ أنه سئل هل على الرجل في ماله حق سوى الزكاة‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ وتلا هذه الآية ‏{‏وآتى المال على حبه ذوي القربى‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى آخرة الآية‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ربيعة بن كلثوم قال‏:‏ حدثني أبي قال لي مسلم بن يسار‏:‏ إن الصلاة صلاتان، وإن الزكاة زكاتان، والله إنه لفي كتاب الله أقرأ عليك به قرآنا‏.‏ قلت له‏:‏ أقرأ‏.‏ قال‏:‏ فإن الله يقول في كتابه ‏{‏ليس البر ان تولوا وجوهكم‏}‏ إلى قوله ‏{‏وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى المساكين وابن السبيل‏}‏ فهذا وما دونه تطوع كله ‏{‏وأقام الصلاة‏}‏ على الفريضة ‏{‏وآتى الزكاة‏}‏ فهاتان فريضتان‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والموفون بعهدهم إذا عاهدوا‏}

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ‏{‏والموفون بعهدهم إذا عاهدوا‏}‏ قال‏:‏ فمن أعطى عهد الله ثم نقضه فالله ينتقم منه، ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه وسلم ثم غدر بها فالنبي صلى الله عليه وسلم خصمه يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏والموفون بعهدهم إذا عاهدوا‏}‏ يعني فيما بينهم وبين الناس‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس‏}‏‏.‏

أخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال ‏{‏البأساء والضراء‏}‏ السقم ‏{‏وحين البأس‏}‏ حين القتال‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ كنا نحدث أن البأساء البؤس والفقر، والضراء السقم والوجع، وحين البأس عند مواطن القتال‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس‏.‏ أن نافع بن الأزرق سأله عن البأساء والضراء قال‏:‏ البأساء الخصب، والضراء الجدب‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول زيد بن عمرو‏:‏

إن الإله عزيز واسع حكم * بكفه الضر والبأساء والنعم

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أولئك الذين صدقوا‏}‏ الآية‏.‏

أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏أولئك‏}‏ يعني الذين فعلوا ما ذكر الله في هذه الآية هم الذين صدقوا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله ‏{‏أولئك الذين صدقوا‏}‏ قال‏:‏ تكلموا بكلام الإيمان، فكانت حقيقته العمل صدقوا الله قال‏:‏ وكان الحسن يقول‏:‏ هذا كلام الإيمان وحقيقته العمل، فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي عامر الأشعري قال‏:‏ قلت يا رسول الله ما تمام البر قال ‏"‏تعمل في السر عمل العلانية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي شيبان قال‏:‏ سألت زيد بن رفيع فقلت‏:‏ يا أبا جعفر ما تقول في الخوارج في تكفيرهم الناس‏؟‏ قال‏:‏ كذبوا بقول الله عز وجل ‏{‏ليس البر أن تولوا وجوهكم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فمن آمن فهو مؤمن ومن كفر بهن فهو كافر‏.‏